2011/10/05

أستاذتي النجمة


بعد صلاة المغرب وسط ملعب العشب الأخضر، استلقيت ناظرةً للون السماء الذي يميل للظلمة.. لم أرى سوى نقطة من نور صغير يلمع وسط الظلام، كأنه دمعة انحبست في عين السماء، يهتز بريقه من بعيد.. إنها نجمة. لكنها لسيت كغيرها من النجوم.

حدثتني نفسي بأن أحدثها وأسألها عن سر ظهورها وحدها! فردت بعدم وجود سر في ظهورها وبأنها هناك منذ زمن وأنها لم تظهر إلا عندما تمعنت ورأيتها رغم صغر حجمها. هي موجودة وبريقها وصل إلي بعد اشتعالها منذ ملايين السنين. لم ألحظ جمالها وسط الظلمة إلا عندما أردت أن أبحث عنها. وكانت سعيدةً بذلك.






سألتها قائلةً: أنتِ صغيرة. وسط ظلام واسع لوحدك. ماذا تفعلين وما أنتِ فاعلة؟
ردت قائلةً: لست صغيرة، لكنك بعيدة عني وكلما اقتربتِ أكثر ستشاهدين جمال نوري وحجمي الحقيقي وتقدرين مكانتي وسط الظلام. الظلام صديقي فهو يزيدني جمالاً، ويكون بجانبي ليزيد من وضوح نوري.

إنني أقدم الكثير وأنتِ تعلمين يا فتاة. لكنك تستغربين حجمي. تعلمين أن اقل ما أقوم به هو جعل أحدكم يفكر ويتأمل ويبوح بما في نفسه.
 قلت: وكيف تظهرين دون غيرك من النجمات.
ضحكت قائلةً: لا يا فتاة، أمعني النظر جيداً.. فهناك حولي الكثير. ألم أقل إنكِ رأيتِ بريقي عندما أردتِ ذلك!؟.


قاطعتها لأحول نظري في جميع الاتجاهات لعلي أرى صديقاتها.

نعم، أنتِ محقة.. هناك واحدة أصغر بقليل.. وأيضاً هذه أخرى.. وربما كانت هذه واحدة صغيرة جداً !! أم هو خيالي مجدداً يوهمني أن هناك بريق من بعيد وأملاً بوجود نجمة أخرى.

عدت إليها، وأخبرتها أن تستمر في الاشتعال.. ويوماً ما سأراها أكبر وسأخبرها أنها أجمل نجمة رأيتها، لأنها أضافت لي دروساً في الحياة أتعلم منها.


دروس نجمة

نعتقد أحياناً أننا فهمنا البشر وعرفنا جوهرهم وخبايا أعمالهم. خصوصاً إن كنا والدين أم معلمين أم أصحاب شركات ومدراء. نقوم بالنقد ونوجه أصابع الاتهام لمن هم دوننا حجماً وعمراً ومنزلةً. نتغافل عن وجود نجمة كهذه بأرواحهم.
كل طفل، أم مراهق، موظف، عامل،...الخ، يمتلك نوراً جميلاً بداخله. لانرى هذا النور لأننا ببساطة لانريد ذلك.. وكلما اقتربنا أكثر من شخصهم، تعرفنا عليهم، تعايشنا معهم. رأينا ذلك النور وحجمه الحقيقي. عندها نقدرهم ونعاملهم بما هم أهله. وفي المقابل نحصل منهم على التقدير والحب الذي نتمناه.

هناك الكثير حولنا وسط الظلام ومشاكل الحياة.. ومن شدة الظلام الذي هم فيه لانرى نور أرواحهم إلا إذا أمعنا النظر واقتربنا.

يذكرني هذا التصرف بالرسول عليه الصلاة والسلام. إنه يعامل الجميع على أنهم نجوم، فكان كل واحدٍ من الصحابة يعتقد أنه محبوب الرسول والمفضل لديه. (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) فكلكم قائد في مجاله، وهذه صفات القائد الحقيقي، لديه مسؤولية ويقدر دور الاخرين.. يرى النور وسط الظلام في كل شخصٍ أمامه، ثم يشاركه نوره وينميه بالاقتراب منه أكثر وأكثر، يمسك بيده نحو النور الأكبر ليتحد معه ويحقق هدفه الذي أمره الله به. عبادة الله وإعمار الأرض.
*(الليلة صافية,, ابحثوا عن نجمتكم)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق